لـكـلٍ .. حـائطُ مـبـكـى
مصـباحٌ عـجـوز
...بدت الإضـاءةُ المنبعثة منـه عجـوزةٌ مـثـلُه.
يتـرنـح أمـام حـائطٍ يتوسط الطريق بين غرفة النوم الرئيسية وبين باب شقتِهمـا.
ذلك الباب المثـقل بلعنـات الـخروج خوفا..
والعـودة بروحٍ خـزفيةٍ على وشـك السقـوط من على طـاولة الصـبر.
حافي القدمين في جلبابٍ متسخ وشعـرٍ غير مهنـدم
بدا كـأن كـل المرايا تطـلقن منـه لأنـه لا يـجيـد القيام بحقوقهن الـزوجـيـة
يترنح أمـام الـلوحة المعلقة على ذلك الحـائط ...
يتمتم..
يتمتم كمؤمـنٍ محمـوم يتشبث بآخـر آيـاتٍ يحـفظهـا\لتـحـفظـه
تمـلكهـا الذعـر..
هي تعلم ما تعنيـه تلـك الــلوحـة...المعنونةَ بعنـوان ... الرحيـل
توقفت أمـامة.. كل شيء تعرفه عن التصرف بنضجٍ خانها تلك اللحظة ...
كـل شيء تـوقف أمـامه
هي لا تريد سوى أن يكف عن الترنح ..أن يعود هو هو \ لتعود هي هي...
الدموع تفور في عينيها...وحرارة الكلمات أحرقت حلقها المغلق عنوة...
أخيرا دنت منه...
بدا لها الآن كراقصٍ يجيد ما يفعل و يستمتع بـه...
بدا كمـؤدٍ مشهور على مسرح " برودواي" والخلفية الوحيدة المقبولة الآن ليكتمل المشهد هي تصفيق الجمهــور
إلا أنها لم تصفق له..
بل صفعته بكل ما أوتيت من حـُرقـة ..من خوف...
صرخت به : نعم
نعم الكـل يرحـل...إلا أنـا..أنـا بـاقية...لـن أرحـل...
صرخت به كمـا تصرخ السفينة الأم العمـلاقة بقـارب النـجـاة الطفل الخشبي الصغير إبـان الغـرق...
الكـلً صغـيرٌ إبـان الغرق
تـفل عـليهـا...كمُـصلٍ يستعيذُ ممن دنس عليه نقاء الصلاة...
بدا في ترنحه أمم ذلك الحائط كـيهـودي ضـال يظن أنه ابن القـدر المخـتار...
"أفـق"..لا تضيعني برحيلـها...
"افـق" لازلـت مِـلكـُك...لا أزال الله مـُلكـك...
ليس هنا ...ليس حاضراً ...
ذلك الشيء المترهل أمـامهـا ليس هو...
تبكي...
تدور...
تدور كمتـصـوفةٍ جديدة تنتمي إلى " لا طـريقة " غير طريقة الحب المطـلق
تدور وتصـرخ
أنـا \ أنــت
هـو هو \ هـي هـي
عبارات لم تفهم لها معنىً قبل الآن ...
دموعهـا تستجديه ألا يتلو اسمها ضمن آيـات الرحـيل
لا تريد أن تُـهـجـَّر عـنه...
لا تـريـد أن تعيش لاجـئة في وطـنـه
أخـيرا سقـطـت...
أخـيرا تـوقـف...
كعـائدٍ من المـوت \ من الغيب.. عــاد
ذرف أمـامهـا دمـعة واحـدة \ وحـيدة...
فـكل مقـدسٍ وحيـد
وبـدا في النـهايـة
أنـه ليس بكـذبِ يهـود " المـبكـى"
وأنـها ليست بنقاء المتـصوفـة
الكـل يـقـف
الكـل يـسقـط
الكـل...يـ رحــ ل
مشكووووووووووووووورة